جاء الاسلام فبدل من وضع العرب دينيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وعمرانيا، واخرجهم من النطاق الضيق في شبه الجزيرة الى نطاق اوسع مدى واكثر امما،فيه كثير من الحضارات القديمة والحديثة،والثقافة المتعددة بعضها ذو اصل فارسي وبعضها يوناني او مايسمى بالاهليني او الاغريقي،وكذلك اتصلوا بشعوب متباينة اللغات واللهجات متضاربة العقائد والمباني.
لقد كان من المميزات الكبرى التي ميزت الاسلام بعد عهد الدعوة انه الدين الوحيد بين الاديان السماوية الذي نجح في صهر ومزج هذه الشعوب التي امنت به فقرب بين اتجاهاتها المختلفة.
ويعتبر عهد الخلفاء الراشدين العصر الذي وقف فيه الاسلام على مشارف اماكن الحضارات المتعددة بفضل الجيوش الاسلامية التي فتحت فارس والشام ومصر،هذه الحضارة التي اوجدها الاسلام ونشرها العرب قامت على اساس التعاليم التي جاء بها النبي محمد عليه السلام،وما تضمنها القران من تشريع وتنظيم للحياة في شتى وجوهها،انتظمت به المعاملات الشخصية والعامة.وقد اتصل العرب في عهد الخلفاء الراشدين بكثير من الشعوب والدول وكانت السياسة العامة التي نهجها الخلفاء في الحرب هي التي سنها ابو بكر حين بعث اسامة بن زيد كما اراد الرسول لمحاربة الروم حيث اوصاه ان لايقوم ولا يغدر ولا يمثل ولايقتل طفلا صغيرا ولا شيخا ولا امراة ولا يعقر نخلا ولايحرق ويقطع شجرة مثمرة ولا يذبح شاة او بقرة الا لماكل.
هذه المبادىء اتبعها العرب حتى مع خصومهم وعجز العالم الحديث عن تطبيقها،فكانت الدول المعادية هي التي لا ترضى بالاسلام ولا تقبل الدخول في دعوته لذلك كان لابد للخلفاء من محاربتها،فحاربوا الامبراطورية البزنطية التي كانت مسيحية في الظاهر ولكنها انقسمت الى طوائف دينية مختلفة وان التقت في رفعها للمسيح الى مرتبة الالوهية،وهي صفة ما كان للمسيح هو عبد الله ان يرضاها لنفسه.
وهناك دول اخرى ويمكن ان نسميها الدول الغير المعادية فكانت بينها وبين العرب عهود ومواثيق،لا تقيم ولا تعين عليهم عدو ولا تضيق على مسلم ولا تخفي عهدا ولا تمنع شريعة من شعائر الله ولها على ذلك عهد الله وذمة الرسول كما يقول عليه السلام*امرت ان اقاتل التاس حتى يقولوا لا اله الا الله فاذا قالوها عصموا مني اموالهم الا بحقها* فان رفضوا الاسلام الزموهم بدفع الجزية فان رفضوها ايضا قاتلهم.
وقد احسن المسلمون معاملة غير المسلمين ممن يعيشون في ديار الاسلام وهؤلاء يسمون باهل الذمة،واتاحوا لهم حرية العقيدة على ان يمارسوها في اماكن عبادتهم التي لم يمسها المسلمين بل ابقوها على حالها.