سبعا أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبى – هريرة –رضى الله عنه – ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( بادروا بالأعمال سبعا هل تنتظرون إلا فقرا منسيآ ، أو غنى مطغيآ ، أو
مرضآ مفسدآ، أو هرمآ مفندآ، أو موتآ مجهزآ، أو الدجال فشر غائب ينتظر
أو الساعة ، فالساعة أدهى وأمر )). رواه الترمذي وقال : حديث حسن
الشرح
سبق لنا أن النبى – عليه الصلاة والسلام – ذكر فى أحاديث متعددة ، ما يدل على أنه من الحزم أن
يبادر الإنسان بالأعمال الصالحة ، وفى هذا الحديث أشار النبى صلى الله علية وسلم إلى إشياء متعددة ، ينبغى للإنسان أن يبادر بالأعمال حذرآ منها . فقال : ((بادروا بالأعمال سبعآ)) :يعنى سبعة أشياء كلها محيطة بالإنسان ، يخشى أن تصيبة ، منها الفقر.
قال : (( هل تنتضرون إلا فقرآ منسيآ أو غنى مطغيآ)) . الأنسان بين حالين بالنسبة للرزق : تارة يغنيه الله – عز وجل – ويمده بالمال ، والبنين ، والأهل ، والقصور ، والمراكب ، والجاه فإذا راى نفسة فى هذه الحال فإنه يطغى والعياذ بالله ، ويزيد ويتكبر ، ويستنكف عن عبادة الله ، كما قال تعالى (( كلا ان الانسن ليطغى *أن رءاه استغنى *إن إلى ربك الرجعى )) [ العلق : 6 -8] يعنى: مهما بلغت من الاستغناء والعلو ، فان مرجعك إلى الله . ونحن نشاهد أن الغنى يكون سببآ للفساد والعياذ بالله ، تجد الانسان فى حال فقره مخبتآ إلى الله
منيبآ إليه ، منكسر النفس ، ليس عنده طغيان ، فإذ أمده اللة بالمال ، استكبر – والعياذ بالله وأطغاه غناه . أو بالعكس : (( فقرآ منسيآ )) فالفقر :قلة ذات اليد ، فاالفقر ينسى الإنسان مصالح كثيرة ،
لأنه يشتغل بطلب الرزق عن أشياء كثيرة تهمه ، وهذا شيء مشاهد ، ولهذا يخشى على الإنسان من هذين الحالين اما الغنى المطغى ، أو الفقر المنسى . فإذا من الله على العبد بغنى لايطغى ، وبفقر لا ينسى وكانت حاله وسطآ وعبادته مستقيمة , وأحواله قويمة , فهذه هى سعادة الدنيا .
وليست سعادة الدنيا بكثرة المال ، لإنه قد يطغى، ولهذا تامل قوله تعالى: (( من عمل صلحآ من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياوة طيبة
ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانو يعملون )) [ النحل: 97 لم يقل : من عمل عملآ صالحآ من ذكر أو أنثى فلنوسعن عليه المال ولنعطيه المال الكثير قال: (( فلنحيينه حياوة طيبه)) ، إما بكثرة المال أو بقلة المال ، ويذكر عن النبى صلى الله
علية وسلم : إن من عبادى من لو أغنيتة لأفسده الغنى، وإن من عبادى من لو أفقرته لأفسده
الفقر وهذا هو الواقع ،من الناس من يكو ن الفقر خيراّ لة ،ومن الناس من يكون الغنى خيراّ لة
،ولكن الرسول علية الصلاة والسلام حذر من غنى مطغياّ وفقر منسياّ.
الثالث : قال (( أو مرضآ مفسدآ)) المرض يفسد على الإنسان أحواله فالانسان ما دام فى صحة تجده منشرح الصدر ، واسع البال ، مستأنسآ ، لكنه إذا أصيب بالمرض انتكب وضاقت عليه الأرض ، وصار همه نفسه ، فتجده بمرضه تفسد عليه أمور كثيره لا ينبسط مع اهله ، لأنه مريض ومتعب فى نفسه . فالمرض يفسد على الإنسان أحواله والإنسان ليس دائمآ يكون فى صحه ، فالمرض ينتظره كل لحظه . كم من أنسان أصبح نشيطآ صحيحآ ، وأمسى ضعيفآ مريضآ ، او بالعكس . فالإنسان يجب عليه
أن يبادر إلى الأعمال الصالحه ، حذرآ من هذه الأمور.
الرابع (( أوهرمآ مفندآ)) الهرم : يعنى الكبر فالإنسان إذ كبر وطالت به الحياه
فإنه – كما قال عز وجل ( يرد الى ارذل العمر) أى الى أسوئه وأردئه فتجد هذا الرجل الذى عهدته من اعقل الرجال ، يرجع حتى يكون مثل الصبيان ، بل هو أردأ من الصبيان لأن الصبى لم يكن قد عقل ، فلا يدرى عن شى ، لكن هذا قد عقل وفهم الأشياء ، ثم رد إلى أرذل العمر ولذلك نجد أن الذين يردون إلى أرذل العمر_ من
كبار السن - يؤذن أهليهم أشد من إيذاء الصبيان ، لأنهم كانو قد عقلوا، وقد استعاذ النبى صلى الله عليه وسلم من أن يرد إلى أرذل العمر.
نسأل اللة أن يعيذنا وإياكم من الرد إلى أرذل العمر ،لأن الإنسان إذا رد إلى أرذل العمر ، تعب وأتعب غيره ، حتى إن أخص الناس به يتمنى أن
يموت ، لأنة أذاه واتعبه ، وإذا لم يتمن بلسان المقال ، فربما يتمنى بلسان الحال.
أما الخامس: فالموت المجهز: يعنى أن يموت الإنسان ، والموت لا ينذر الإنسان قد يموت الأنسان بدون إنذار ، قد يموت على فراشه نائمآ وقد يموت على كرسيه عاملآ ، وقد يموت فى طريقه ماشيآ ، وإذا مات الأنسان انقطع عمله ، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: (( إذ مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاثه : إلا من صادقه جاريه ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صلح يدعو له )) فبادر بالعمل قبل
الموت المجهز ، الذى يجهزك ولا يمهلك .
السادس (( أو الدجال فشر غائب ينتظر)) الدجال : صيغه مبالغة من الدجل ، وهو الكذب
والتمويه ، وهو رجل يبعثه الله - سبحانه وتعالى - فى اخر الزمان ، يصل إلى دعوى الربوبيه ، يدعى أنه رب ، فيمكث فى فتنته هذه أربعين يومآ ، يوم كسنه ويوم كشهر ، ويوم كأسبوع، يعنى كجمعه وسائر أيامه كالأيام المعتاده ، لكن
يعطيه الله - عز وجلا - من القدرات مالم يعط غيره ، حتى إنه يأمر السماء فتمطر و يأمر الأرض فتنبت ، ويأمر الأرض فتجدب ، والسماء فتقحط : تمنع المطر ، ومعه جنه ونار لكنها مموهة جنته نار وناره جنه .
هذا الرجل أعور العين ، كان عينه عنبه طافيه ، مكتوب بين عينيه (( كافر)) كاف . فاء . راء . يقرؤه كل مؤمن الكاتب وغير الكاتب ، ولا يقرؤه المنافق ولا الكافر - ولو كان قارئآ كاتبآ - وهذا من ايات الله. فالحصل أن الدجال شر غائب ينتظر ، لأن فتنته عظيمه ، ولهذا نحن فى صلاتنا
- فى كل صلاة - نقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنتة المحيا والممات ، ومن فتنتة المسيح الدجال . خصها ، لأنها أعظم
فتنة تكون فى حياة الإنسان .
السابع (( أو الساعة)) يعنى قيام الساعه الذى فيه الموت العام ، والساعة أدهى وأمر كما قال عز وجلا ( بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر)[القمر46]
فهذة سبع حذر منها النبى عليه الصلاه والسلام ، وأمرنا أن نبادر بالأعمال هذه السبع ، فبادر ياأخى بأعما لك الصالحة قبل أن يفوتك الأوان ، فأنت الان فى نشاط ، وفى قوة ، وفى قدرة , لكن قد يأتى عليك زمان لاتستطيع ولا تقدر على العمل الصالح ، فبادر وعود نفسك ، وأنت إذا عودت نفسك العمل الصالح اعتادته ، وسهل عليها وانقادت له ، وإذا عودت نفسك الكسل والإهمال ، عجزت عن القيام بالعمل الصالح ، نسأل الله أن يعيننى وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته