الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تحقق ما ذكر السائل، فلا يجوز لهن الخروج؛ حفظًا لأعراضهن، ودرءًا للفتنة عنهن، فإن جواز خروج المرأة في المظاهرات مرتبط بجواز المظاهرات في ذاتها، ثم بخلوها مما يمنع مشاركتها، كاختلاطها بالرجال، ثم بإذن زوجها، أو وليها، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية:
15749،
221050،
228979.
وهنا ننبه على أن من موانع هذا الخروج: غلبة الظن بتعرض المرأة لمثل ما هو مذكور في السؤال، والدليل على ذلك أن خروجها للجهاد ـ وهو ذرة سنام الإسلام ـ مشروط بغلبة الظن بسلامتها، فما بالك بما دون الجهاد في الشرف والأثر؟! قال ابن عبد البر في التمهيد: خروجهن مع الرجال في الغزوات، وغير الغزوات مباح إذا كان العسكر كبيرًا يؤمن عليه الغلبة. اهـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم:
7071.
وقال السرخسي في شرح السير: ولا ينبغي لها أن تلي القتال إذا كان هناك من الرجال من يكفيها؛ لأنها عورة، ولا يأمن أن ينكشف شيء منها في حال تشاغلها بالقتال، ولأن في قتالها نوع شبهة للمسلمين، فإن المشركين يقولون: انتهى ضعف حالهم إلى أن احتاجوا إلى الاستعانة بالنساء في القتال. اهـ.
وقال ملا خسرو في درر الحكام: وبلا إخراج مصحف، وامرأة في سرية يخاف عليهما؛ لما فيه من تعريض المصحف على الاستخفاف، والمرأة على الضياع، والفضائح. اهـ.
وقال الدكتور مرعي الشهري في بحثه أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي: إذا تقرر أنه يجوز خروج النساء مع المجاهد في سبيل الله، فإن الفقهاء جعلوا لذلك قيود منها: ...
ـ أن يكون خروجها في عسكر عظيم يؤمن عليها معهم، قال في مشارع الأشواق: "اتفقوا على أنه لا يسافر بالنساء إلى أرض العدو، إلا أن يكون في جيش عظيم يؤمن عليهم".
ـ أن تخرج العجائز للسقي، وضماد الجرحى، ونحو ذلك، أما خروج الشابات فمكروه؛ لأن خروجهن فتنة، ثم لا يؤمن ظفر العدو بهن، فيستحلون منهن ما حرم الله. اهـ.
إذا كانت هذه هي ضوابط الفقهاء في الجهاد، فما بالك بما هو دونه!؟
والله أعلم.